تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان تفسير

تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان تفسير:

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الله تعالى أمرنا بالتعاون على البر والتقوى، ونَهانا عن التعاون على الإثم والعدوان، وذلك في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]، وفي هذا المقال سنتناول تفسير هذه الآية الكريمة بالتفصيل.

أولاً: معنى التعاون:

التعاون هو العمل المشترك بين شخصين أو أكثر لتحقيق هدف مشترك، وهو خلق محمود وحث عليه الإسلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” [رواه البخاري ومسلم].

ثانياً: أنواع التعاون:

ينقسم التعاون إلى نوعين:

1- التعاون المادي: وهو التعاون في الأعمال والمهام البدنية المختلفة، مثل بناء المنازل والطرق والجسور، وإصلاحها في حالة الإتلاف، وتنظيف الشوارع والحدائق، وغير ذلك.

2- التعاون المعنوي: وهو التعاون في الأمور الفكرية والنفسية، مثل التعاون على نشر العلم والمعرفة، وإرشاد الجاهل، وتوجيه التائه، وتربية الأبناء تربية صالحة، وغير ذلك.

ثالثاً: فوائد التعاون:

للأمن من الآفات الاجتماعية: مثل الجريمة والفقر والبطالة.

1- تحقيق المصالح المشتركة:

وذلك من خلال العمل الجماعي، والذي يؤدي إلى إنجاز المهام بشكل أسرع وأفضل.

2- تقوية الروابط الاجتماعية:

وذلك من خلال التعاون بين الأفراد والمجتمعات، والذي يؤدي إلى زيادة المحبة والألفة بينهم.

3- نشر الخير والصلاح:

وذلك من خلال التعاون على البر والتقوى، والذي يؤدي إلى انتشار القيم والأخلاق الحميدة في المجتمع.

4- درء الشر والفساد:

وذلك من خلال التعاون على منع الإثم والعدوان، والذي يؤدي إلى الحفاظ على أمن المجتمع واستقراره.

5- زيادة الإنتاجية:

وذلك من خلال التعاون في العمل، والذي يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحقيق المزيد من الأرباح.

رابعاً: آداب التعاون:

يجب أن يكون التعاون مبنيًا على مجموعة من الآداب، ومن أهمها:

1- الإخلاص في العمل:

وذلك بأن يكون الهدف من التعاون هو تحقيق الخير والصلاح، وليس المنفعة الشخصية.

2- التضحية بالنفس:

وذلك بأن يكون الفرد مستعدًا للتضحية بنفسه من أجل تحقيق هدف التعاون.

3- تحمل المسؤولية:

وذلك بأن يكون كل فرد مسؤولاً عن أداء مهامه على أكمل وجه.

4- احترام الآخرين:

وذلك بأن يتم التعامل مع الآخرين باحترام وتقدير، وعدم التقليل من شأنهم.

5- التسامح والتعاون:

وذلك بأن يتم التسامح عن الأخطاء التي يرتكبها الآخرون، والتعاون معهم من أجل تحقيق هدف التعاون.

خامساً: التعاون على البر والتقوى:

للتعاون على إحياء سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العمل الصالح؛ بمناصرة الحق وأهله، ونصرة المظلومين.

وهو ترغيب في الالتزام بالتقوى والعمل الصالح، كما في قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

سادساً: عدم التعاون على الإثم والعدوان:

وذلك لأن الإثم والعدوان من الأعمال المحرمة التي نهى الله تعالى عنها، ومن التعاون على الإثم والعدوان:

1- التعاون على الكذب:

وهو من أكبر الكبائر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا” [رواه البخاري ومسلم].

2- التعاون على الغيبة:

وهي ذكر المسلم أخاه بما يكره في غيبته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الغيبة أشد من الزنا، إن الرجل ليزني، ثم يتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له من اغتابه” [رواه أحمد والطبراني].

3- التعاون على السرقة:

وهي أخذ مال الغير خفية، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم السارق، والمسروق منه، والساعي بينهما، والشاهد الزور، والمشهود له، وكاتبه” [رواه أبو داود والنسائي].

4- التعاون على القتل:

وهو أخذ روح الغير بغير حق، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قتل عمدًا، متعمدًا، فإنه في النار، خلدًا مخلدًا فيها” [رواه البخاري ومسلم].

5- التعاون على الزنا:

والتعاون على الفواحش كافة، عمومًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ولعن السارق يسرق الحبل فتقطع يده، ولعن الزانية والزاني” [رواه البخاري ومسلم].

سابعاً: الخاتمة:

في ختام هذا المقال، نؤكد على أهمية التعاون في تحقيق المصالح المشتركة، ونشر الخير والصلاح، ودرء الشر والفساد، ونحث على التعاون على البر والتقوى، ونحذر من التعاون على الإثم والعدوان، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح، وأن يجنبنا كل مكروه وسوء، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *