حكم الترحم على غير المسلم

No images found for حكم الترحم على غير المسلم

المقدمة

الترحم على غير المسلم من الأمور التي اختلف فيها العلماء، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه. واختلفوا أيضًا في حكم الترحم على الكافر الأصلي والكافر المرتد. فمن أجازه منهم انقسم أيضًا إلى من أجازه مطلقًا ومن أجازه في مواضع خاصة. وقد ذكر العلماء في هذا الباب أدلة كثيرة ونوقشت هذه الأدلة ورد عليها، وفي هذا البحث سنتناول أدلة كل فريق ونناقشها ونرجح بينها.

أدلة المجيزين للترحم على غير المسلم

يرى المجيزون للترحم على غير المسلم أن هناك أدلة كثيرة تدل على مشروعية ذلك، ومن هذه الأدلة:

1. قول الله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]. قالوا: إن هذه الآية تدل على أن سب غير المسلم ممنوع، فمن باب أولى أن يكون الترحم عليه جائزًا.

2. قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28]. قالوا: إن هذه الآية تدل على أن الله تعالى لا يهدي الكافرين لأنهم مسرفون وكذابون، لكن هذا لا يعني أنه تعالى لا يرحمهم، لأن الرحمة من صفاته تعالى.

3. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من لم يرحم لا يرحم”. قالوا: إن هذا الحديث يدل على أن الرحمة من الأخلاق الحميدة التي يجب على المسلم أن يتحلى بها، ولا فرق بين المسلم وغير المسلم في ذلك.

أدلة المانعين للترحم على غير المسلم

يرى المانعون للترحم على غير المسلم أن هناك أدلة كثيرة تدل على منعه، ومن هذه الأدلة:

1. قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} [آل عمران: 91]. قالوا: إن هذه الآية تدل على أن الله تعالى لن يقبل من الكافرين أي عمل، حتى لو كان هذا العمل هو الترحم عليهم.

2. قول الله تعالى: {وَلا تَصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84]. قالوا: إن هذه الآية تدل على أنه لا يجوز للمسلم أن يصلي على الكافر أو أن يقوم على قبره.

3. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا ترحموا الكافرين”. قالوا: إن هذا الحديث يدل على أنه لا يجوز للمسلم أن يترحم على الكافر.

موقف العلماء من الترحم على غير المسلم

اختلف العلماء في حكم الترحم على غير المسلم، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه. واختلفوا أيضًا في حكم الترحم على الكافر الأصلي والكافر المرتد. فمن أجازه منهم انقسم أيضًا إلى من أجازه مطلقًا ومن أجازه في مواضع خاصة.

الراجح في حكم الترحم على غير المسلم

الراجح في حكم الترحم على غير المسلم هو الجواز مع الكراهة، وذلك لأن الأدلة التي استدل بها المجيزون أقوى من الأدلة التي استدل بها المانعون. ومع ذلك، فإنه لا ينبغي للمسلم أن يترحم على الكافر إلا في مواضع خاصة، مثل أن يكون الكافر قد أسدى إليه معروفًا أو كان له عليه حق من حقوق العشير أو الجوار أو نحو ذلك.

حكم الترحم على الكافر الأصلي

الكافر الأصلي هو الذي ولد على الكفر ومات عليه. والراجح في حكم الترحم عليه هو المنع، وذلك لأن الأدلة التي استدل بها المانعون أقوى من الأدلة التي استدل بها المجيزون. ومع ذلك، فإنه يجوز للمسلم أن يترحم على الكافر الأصلي إذا كان قد أسدى إليه معروفًا أو كان له عليه حق من حقوق العشير أو الجوار أو نحو ذلك.

حكم الترحم على الكافر المرتد

الكافر المرتد هو الذي أسلم ثم ارتد عن الإسلام. والراجح في حكم الترحم عليه هو المنع، وذلك لأن الأدلة التي استدل بها المانعون أقوى من الأدلة التي استدل بها المجيزون. ومع ذلك، فإنه يجوز للمسلم أن يترحم على الكافر المرتد إذا كان قد أسدى إليه معروفًا أو كان له عليه حق من حقوق العشير أو الجوار أو نحو ذلك.

حكم الترحم على الكافر في حال الدعاء

يجوز للمسلم أن يترحم على الكافر في حال الدعاء، وذلك لأن الدعاء لا يعد من الترحم الممنوع. ومع ذلك، فإنه ينبغي للمسلم أن يدعو للكافر بالهداية إلى الإسلام، لا أن يدعو له بالمغفرة والرحمة.

الخاتمة

الترحم على غير المسلم من الأمور التي اختلف فيها العلماء، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه. والراجح في حكم الترحم على غير المسلم هو الجواز مع الكراهة، وذلك لأن الأدلة التي استدل بها المجيزون أقوى من الأدلة التي استدل بها المانعون. ومع ذلك، فإنه لا ينبغي للمسلم أن يترحم على الكافر إلا في مواضع خاصة، مثل أن يكون الكافر قد أسدى إليه معروفًا أو كان له عليه حق من حقوق العشير أو الجوار أو نحو ذلك.

أضف تعليق