موعظة عن الدنيا

موعظة عن الدنيا

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

أما بعد:

فإن الدنيا دار فانية وزائلة، لا بقاء لها ولا دوام، وإنما هي متاع الغرور والخداع، وقد حذرنا الله تعالى منها ووصفها بأنها لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد، وأنها غرور وقليل متاع.

زينة الحياة الدنيا

لقد خلق الله تعالى الدنيا لكي تكون دار اختبار لعباده، وجعلها مليئة بالزينة والمتاع، ليمتحنهم بها، فمن زهد فيها واتبع أمر الله تعالى، كان من الفائزين في الدار الآخرة، ومن انخدع بزينتها واتبع هواه، كان من الخاسرين.

إن زينة الحياة الدنيا متاع زائل، سرعان ما يزول وينتهي، كما قال الله تعالى: “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا”، وقوله تعالى: “اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا”.

غرور الحياة الدنيا

إن الحياة الدنيا غدارة وخداعة، لا تدوم على حال، ولا تبقى على عهد، وقد حذرنا الله تعالى منها ووصفها بأنها غرور، فقال تعالى: “وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ”، وقال تعالى: “وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْחَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”.

إن غرور الحياة الدنيا يتمثل في أنها تجعل الإنسان يتعلق بها وينسى الآخرة، وتجعله يلهث وراء الدنيا وشهواتها، وينسى أن الدنيا دار فانية وزائلة، وأن الآخرة هي دار البقاء والخلود.

قلة متاع الحياة الدنيا

إن متاع الحياة الدنيا قليل وزائل، لا يساوي شيئًا عند الله تعالى، وقد حذرنا الله تعالى من التعلق بالدنيا ومتاعها، وقال تعالى: “وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ”، وقال تعالى: “وَمَا أَوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى”.

إن قلة متاع الحياة الدنيا تتمثل في أنها لا تدوم ولا تبقى، وأنها لا تشبع ولا تغني، وأنها لا تمنع الموت ولا المرض ولا الهم والحزن.

فناء الدنيا

إن الدنيا فانية وزائلة، لا تدوم ولا تبقى، وقد قال الله تعالى: “كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ”، وقال تعالى: “وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ”.

إن فناء الدنيا يتمثل في أنها تتغير باستمرار، وأنها لا تدوم على حال، وأنها ستنتهي يوم القيامة، حيث قال الله تعالى: “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسَلُونَ”، وقال تعالى: “يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ”.

زهد السلف في الدنيا

كان السلف الصالحون يزهدون في الدنيا ومتاعها، ويتمسكون بالآخرة، ويعلمون أن الدنيا دار فانية وزائلة، وأن الآخرة هي دار البقاء والخلود.

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: “لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى منها كافرًا شربة ماء”.

وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: “الدنيا دار غرور، فمن زهد فيها استراح”.

الحث على الزهد في الدنيا

حثنا الله تعالى على الزهد في الدنيا ومتاعها، والتعلق بالآخرة، وقال تعالى: “وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”، وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ”.

إن الزهد في الدنيا هو عدم التعلق بها وشهواتها، وعدم السعي وراءها، وعدم الحرص عليها، والتعلق بالآخرة، والسعي وراءها، والحرص عليها.

الخاتمة

إن الدنيا دار فانية وزائلة، لا بقاء لها ولا دوام، وإنما هي متاع الغرور والخداع، وقد حذرنا الله تعالى منها ووصفها بأنها لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد، وأنها غرور وقليل متاع.

وإن الآخرة هي دار البقاء والخلود، وهي دار النعيم والراحة، وهي دار الفوز والنجاة، وقد حثنا الله تعالى على السعي إليها والعمل لها، وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الزهد في الدنيا ومتاعها، وأن يرزقنا التعلق بالآخرة، وأن يرزقنا الفوز والنجاة في الدار الآخرة.

أضف تعليق