هل يجوز قراءة القرآن من المصحف بدون وضوء؟
مقدمة:
يعتبر القرآن الكريم كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المصدر الأساسي للتشريع الإسلامي، وبه تتلى الصلاة، ويستدل به على الأحكام الشرعية. ويُعتبرُ القرآن الكريم كتابًا مقدسًا لدى المسلمين، وهو يحتوي على تعاليم الله ومبادئه التي أنزلها على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا السبب فإن قراءته تعتبر من أهم العبادات التي يقوم بها المسلمون، ويُعتبرُ واجبًا على كل مسلم أن يقرأ القرآن الكريم ويتدبر في معانيه حتى يستفيد من حكمته ومواعظه.
أولاً: حكم قراءة القرآن من المصحف بدون وضوء:
اتفق الفقهاء على وجوب الوضوء لقراءة القرآن الكريم من المصحف، ولكن اختلفوا في حكم قراءته من غير وضوء، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز قراءة القرآن من المصحف إلا بوضوء، وهذا هو الرأي الراجح عند الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة والحنابلّة، بدليل ما روى مسلمٌ في “صحيحه” عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يمسُّ القرآن إلا طاهرٌ».
قال الإمام النووي في “شرح مسلم”: “اتفق العلماء سلفًا وخلفًا على أنه يحرم على الحائض والنفساء مسُّ القرآن، واتفقوا أيضًا على أنه يكره للجنب مسُّه، واختلفوا في مسِّه لغير المتوضئ، فذهب عامة العلماء إلى كراهته… وذهب بعضُ العلماء إلى أنه لا يكره مسُّه لغير المتوضئ”.
ثانيًا: الأدلة على وجوب الوضوء لقراءة القرآن:
1. حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه:
روى مسلمٌ في “صحيحه” عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يمسُّ القرآن إلا طاهرٌ».
2. حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
روى مسلمٌ في “صحيحه” أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يقرأ القرآن إلا طاهرٌ».
3. حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
روى البيهقي في “سننه” عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ آيةً من كتاب الله وهو على غير وضوء لم تُقبل منه».
ثالثًا: الحكمة من وجوب الوضوء لقراءة القرآن:
1. إظهار التعظيم للقرآن الكريم:
إن الوضوء قبل قراءة القرآن الكريم هو بمثابة إظهار التعظيم له وتقديره، فهو كتاب الله المنزل الذي يجب أن يُقرأ بطريقة محترمة ومهيبة.
2. تحقيق الطهارة الروحية والجسدية:
إن الوضوء قبل قراءة القرآن الكريم هو بمثابة تحقيق للطهارة الروحية والجسدية، فهو يغسل من الإنسان الذنوب والمعاصي ويزيده صفاءً ونقاءً.
3. حماية القرآن الكريم من النجاسة:
إن الوضوء قبل قراءة القرآن الكريم هو بمثابة حمايته من النجاسة والخبث، فهو كتاب الله المنزل الذي يجب أن يُحفظ ويُصان من أي شيء نجس.
رابعًا: من الأحكام المتعلقة بقراءة القرآن من المصحف:
1. يجوز قراءة القرآن من المصحف للمتطهر وغير المتطهر:
يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن من المصحف سواء كان متوضئًا أو غير متوضئ، ولكن يسن له أن يتوضأ قبل قراءته.
2. يكره للمجنب والحائض والنفساء قراءة القرآن من المصحف:
يكره للمجنب والحائض والنفساء قراءة القرآن من المصحف، ولكن يجوز لهم الاستماع إلى تلاوته من شخص آخر.
3. يجوز قراءة القرآن من المصحف للمسلم والكافر:
يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن من المصحف للكافر، كما يجوز للكافر أن يقرأ القرآن من المصحف، ولكن لا يجوز له أن يمسه بيده.
خامسًا: آداب قراءة القرآن الكريم:
1. قراءة القرآن الكريم بتدبر وخشوع:
يجب على المسلم أن يقرأ القرآن الكريم بتدبر وخشوع، وأن يتفكر في معانيه ويتدبر في حكمته ومواعظه.
2. قراءة القرآن الكريم بصوت حسن:
يجب على المسلم أن يقرأ القرآن الكريم بصوت حسن، وأن يراعي قواعد التجويد والتلاوة الصحيحة.
3. قراءة القرآن الكريم في الأوقات الفاضلة:
يجب على المسلم أن يقرأ القرآن الكريم في الأوقات الفاضلة، مثل أوقات السحر والليل والنهار، وأن يحرص على قراءته في الجماعة.
سادسًا: فضل قراءة القرآن الكريم:
1. قراءة القرآن الكريم تُكفر السيئات:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنةٌ، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: “الم” حرف، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ».
2. قراءة القرآن الكريم ترفع الدرجات:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقرأوا القرآن واسألوه، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه».
3. قراءة القرآن الكريم تُثبت الأجر:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ القرآن وعمل بما فيه أدخله الله الجنة، وأعطاه بكل حرفٍ منه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها».
سابعًا: خاتمة:
إن قراءة القرآن الكريم من المصحف بدون وضوء أمرٌ جائزٌ عند بعض الفقهاء، ولكنه مكروهٌ عند جمهور الفقهاء، وذهب بعض العلماء إلى تحريمه، والدليل على ذلك حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي رواه مسلم في “صحيحه” عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يمسُّ القرآن إلا طاهرٌ».