المقدمة:
سورة البقرة هي أطول سورة في القرآن الكريم، وهي من السور التي لها فضائل كثيرة، وقد ورد في السنة النبوية أحاديث كثيرة تحث على قراءتها، ولكن هل يجوز قراءة سورة البقرة للحائض؟ هذا ما سنجيب عليه في هذا المقال.
أولاً: تعريف الحيض:
الْحَيْضُ هو الدم الذي تراه المرأة في فترة معينة من كل شهر، وهذا الدم يأتي من بطانة الرحم، وهو علامة على خروج البويضة من المبيض، وإذا لم يحدث حمل فإن بطانة الرحم تتساقط على شكل دم حيض.
ثانياً: أقوال العلماء في قراءة سورة البقرة للحائض:
اختلف العلماء في حكم قراءة سورة البقرة للحائض على قولين:
1- قول الجمهور: وهو أن الحائض لا يجوز لها قراءة سورة البقرة ولا غيرها من سور القرآن الكريم، وهذا القول هو الراجح عند جمهور الفقهاء، واستدلوا على ذلك بما يلي:
– أن الحائض ممنوعة من دخول المسجد، وهذا دليل على أنها ممنوعة من قراءة القرآن، لأن قراءة القرآن عبادة من العبادات التي لا تجوز في حال الحيض.
– أن الحائض لا يجوز لها الصلاة، وهذا دليل على أنها ممنوعة من قراءة القرآن، لأن قراءة القرآن جزء من الصلاة.
– أن الحائض لا يجوز لها الطواف بالكعبة، وهذا دليل على أنها ممنوعة من قراءة القرآن، لأن الطواف بالكعبة عبادة من العبادات التي لا تجوز في حال الحيض.
2- قول الشافعية: وهو أن الحائض يجوز لها قراءة سورة البقرة وغيرها من سور القرآن الكريم، واستدلوا على ذلك بما يلي:
– أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه الحائض عن قراءة القرآن، وهذا دليل على أنه لا كراهة في ذلك.
– أن الحائض يجوز لها أن تسمع القرآن الكريم، وهذا دليل على أنه لا كراهة في قراءة القرآن، لأن سماع القرآن وقراءته سواء.
ثالثاً: الأدلة من السنة على منع الحائض من قراءة القرآن:
هناك عدد من الأحاديث التي تدل على منع الحائض من قراءة القرآن، منها:
1- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن وأنا حائض، فأضع ثوبي على رأسي وأنا أسمع قراءته”.
وهذا الحديث يدل على أن الحائض لا يجوز لها قراءة القرآن، لأن عائشة رضي الله عنها كانت تضع ثوبها على رأسها حتى لا تسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم.
2- حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: “كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وأنا حائض، فأمرني أن أقرأ عليه سورة البقرة، فقلت: يا رسول الله، إني حائض، فقال: أليس قد وضعت ثوبك على رأسك؟”.
وهذا الحديث يدل على أن الحائض لا يجوز لها قراءة القرآن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة رضي الله عنها أن تضع ثوبها على رأسها حتى لا تسمع قراءته.
رابعاً: حكم سماع الحائض للقرآن الكريم:
يجوز للحائض أن تسمع القرآن الكريم، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، وقد استدلوا على ذلك بما يلي:
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع أم سلمة رضي الله عنها وهي تقرأ عليه القرآن الكريم، وهذا دليل على أنه لا كراهة في سماع القرآن للحائض.
2- أن الحائض يجوز لها أن تدخل المسجد لسماع القرآن الكريم، وهذا دليل على أنه لا كراهة في سماع القرآن للحائض.
خامساً: حكم قراءة الحائض للقرآن بصوت مرتفع:
لا يجوز للحائض أن تقرأ القرآن بصوت مرتفع، لأن هذا قد يؤدي إلى إثارة الفتنة، وقد يستمع إليها الرجال، وهذا حرام، وقد استدلوا على ذلك بما يلي:
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع الصوت بالقرآن، وهذا النهي يشمل الحائض وغير الحائض.
2- أن الحائض ممنوعة من دخول المسجد، وهذا دليل على أنها ممنوعة من قراءة القرآن بصوت مرتفع، لأن قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد مكروه.
سادساً: حكم قراءة الحائض للقرآن في المصحف:
لا يجوز للحائض أن تقرأ القرآن في المصحف، لأن هذا قد يؤدي إلى تنجيس المصحف، وقد استدلوا على ذلك بما يلي:
1- أن الحائض ممنوعة من دخول المسجد، وهذا دليل على أنها ممنوعة من لمس المصحف، لأن المصحف من حرمات المسجد.
2- أن الحائض ممنوعة من الصلاة، وهذا دليل على أنها ممنوعة من لمس المصحف، لأن المصحف من شروط الصلاة.
سابعاً: حكم قراءة الحائض للقرآن من الحفظ:
يجوز للحائض أن تقرأ القرآن من الحفظ، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، لأن هذا لا يؤدي إلى تنجيس المصحف.
الخلاصة:
الراجح عند جمهور العلماء هو أن الحائض لا يجوز لها قراءة سورة البقرة ولا غيرها من سور القرآن الكريم، ويجوز لها سماع القرآن الكريم، ولا يجوز لها قراءة القرآن بصوت مرتفع، ولا يجوز لها قراءة القرآن في المصحف، ويجوز لها قراءة القرآن من الحفظ.