ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا مكتوبه

ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا مكتوبه

مقدمة:

يُعتبر القرآن الكريم مصدرًا أساسيًا للإرشاد والهداية في حياة المسلمين، حيث يتضمن العديد من الآيات التي تحث على اتباع تعاليم الله تعالى والالتزام بها، كما يحذر من مغبة الإعراض عن ذكره سبحانه وتعالى. وفي هذا المقال، سنتناول تفسير الآية الكريمة “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القيامةِ أَعْمَى”، بالإضافة إلى بيان آثار الإعراض عن ذكر الله تعالى في الدنيا والآخرة.

1. تفسير الآية الكريمة:

تُعتبر هذه الآية الكريمة من الآيات التحذيرية التي تُبين عواقب الإعراض عن ذكر الله تعالى، حيث وردت في سورة طه، وهي مكية، وتقع في الجزء السادس عشر من القرآن الكريم.

– معنى الإعراض عن ذكر الله تعالى:

يُقصد بالإعراض عن ذكر الله تعالى الانصراف عنه وعدم الالتزام بتعاليمه، كما يشمل عدم تلاوة القرآن الكريم وعدم التفكر في آياته، بالإضافة إلى ترك الصلوات المفروضة والتقصير في أدائها، وعدم ذكر الله تعالى في جميع الأوقات والأحوال.

– معنى المعيشة الضنك:

المعيشة الضنك هي الحياة الضيقة والشاقة التي تفتقر إلى الراحة والطمأنينة، حيث يعاني فيها الإنسان من الفقر والمرض والبلاء، كما قد يُحرم من الرزق الحلال، ولا يجد الراحة في حياته الدنيا.

– حشر الإعراض عن ذكر الله تعالى أعمى يوم القيامة:

يُحشر الإعراض عن ذكر الله تعالى أعمى يوم القيامة، وذلك بسبب عدم بصيرته في الدنيا وعدم اتباعه لهدى الله تعالى، كما أنه يُحرم من نور الإيمان والبصيرة، ويُصبح في ضلال وعمى شديدين.

2. أسباب الإعراض عن ذكر الله تعالى:

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى إعراض الإنسان عن ذكر الله تعالى، ومنها:

– قسوة القلب: يُعتبر قسوة القلب من أسباب الإعراض عن ذكر الله تعالى، حيث لا يتأثر الإنسان بالآيات القرآنية ولا يتعظ بها، ويصبح غافلاً عن ذكر الله تعالى وتعاليمه.

– حب الدنيا: قد ينشغل الإنسان بحب الدنيا ومتاعها، ويُغفل ذكر الله تعالى، حيث يصبح همه الأكبر جمع المال والجاه والسلطة، ولا يجد وقتًا لذكر الله تعالى أو التفكر في آياته.

– الشيطان: يُعد الشيطان من أهم أسباب الإعراض عن ذكر الله تعالى، حيث يعمل على إغواء الإنسان وإبعاده عن ذكر الله، ويحاول إشغاله بالشهوات والملذات الدنيوية.

3. آثار الإعراض عن ذكر الله تعالى في الدنيا:

يُسبب الإعراض عن ذكر الله تعالى العديد من الآثار السلبية في حياة الإنسان في الدنيا، منها:

– الشقاء والتعاسة: يُصبح الإنسان الذي يُعرض عن ذكر الله تعالى شقيًا وتعيسًا في حياته، حيث يشعر بالضيق والقلق والتوتر، ولا يجد الراحة والطمأنينة في حياته.

– الفشل في الدنيا: يُسبب الإعراض عن ذكر الله تعالى الفشل في الدنيا، حيث لا يُوفق الإنسان في حياته المهنية والعلمية، ولا يحقق أهدافه وطموحاته.

– العذاب في الدنيا: يُعذب الله تعالى من يُعرض عن ذكره في الدنيا، حيث يُصيبه بالفقر والمرض والبلاء، ويُحرمه من الرزق الحلال.

4. آثار الإعراض عن ذكر الله تعالى في الآخرة:

لا يقتصر أثر الإعراض عن ذكر الله تعالى على الدنيا فقط، بل يمتد أثره إلى الآخرة، ومن ذلك:

– الحساب الشديد: يُحاسب الله تعالى من يُعرض عن ذكره حسابًا شديدًا يوم القيامة، حيث يُسأله عن سبب إعراضه عن ذكره، ويُعاقبه على ذلك.

– دخول النار: يُعاقب الله تعالى من يُعرض عن ذكره بدخوله نار جهنم، حيث يخلد فيها خلودًا أبديًا، ويُعذب فيها عذابًا أليمًا.

– الندم الشديد: يندم المُعرض عن ذكر الله تعالى يوم القيامة ندمًا شديدًا على ما فعله في الدنيا، ويتمنى لو أنه أطاع الله تعالى واتبع تعاليمه.

5. فضل ذكر الله تعالى:

يُحب الله تعالى من يذكره كثيرًا، ويُثيب المجتهد في ذكر الله تعالى بالعديد من الفضائل، ومنها:

– مغفرة الذنوب: يُغفر الله تعالى لمن يذكره كثيرًا ذنوبه، ويُثبته على الصراط المستقيم، ويُدخله الجنة.

– التوفيق في الدنيا والآخرة: يُوفق الله تعالى من يذكره كثيرًا في الدنيا والآخرة، حيث يُسهل له أموره ويُحيه ما يحييه، ويُدخله الجنة.

– الراحة والطمأنينة: يشعر المُكثار من ذكر الله تعالى بالراحة والطمأنينة في حياته، ويُزيل الله تعالى عنه الهم والحزن والغم.

6. آداب ذكر الله تعالى:

هناك العديد من الآداب التي يجب مراعاتها عند ذكر الله تعالى، ومنها:

– الإخلاص لله تعالى: يجب أن يكون ذكر الله تعالى خالصًا لوجه الله تعالى، دون انتظار ثناء أو مدح من أحد.

– الحضور القلب: يجب أن يكون المُذكر لله تعالى حاضرًا بقلبه وعقله، وأن يتدبر في معاني كلمات الله تعالى.

– الدعاء: يجب أن يُكثر المُذكر لله تعالى من الدعاء، وأن يطلب من الله تعالى العفو والمغفرة والتوفيق.

7. طرق ذكر الله تعالى:

هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها ذكر الله تعالى، ومنها:

– تلاوة القرآن الكريم: تُعتبر تلاوة القرآن الكريم من أفضل الطرق لذكر الله تعالى، حيث يتدبر المُتلِ في معاني آيات الله تعالى ويتعظ بها.

– الأذكار الواردة في السنة: يُمكن للمُسلم أيضًا أن يُكثر من ذكر الله تعالى بالأذكار الواردة في السنة النبوية الشريفة، مثل تسبيح الله تعالى وتحميده وتهليله.

– الذكر الخفي: يُمكن أيضًا ذكر الله تعالى بالذكر الخفي، وذلك بتكرار أسماء الله تعالى وصفاته في القلب دون التلفظ بها.

الخاتمة:

وبهذا نكون قد تناولنا تفسير الآية الكريمة “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القيامةِ أَعْمَى”، كما بينا آثار الإعراض عن ذكر الله تعالى في الدنيا والآخرة، وذكرنا فضل ذكر الله تعالى وآدابه وطرق ذكره. نرجو الله تعالى أن يجعلنا من الذّاكِرين له كثيرًا، وأن يُثيبنا خير الثواب في الدنيا والآخرة.

أضف تعليق