هل يجوز الترحم على غير المسلم الأزهر

هل يجوز الترحم على غير المسلم الأزهر

هل يجوز الترحم على غير المسلم الأزهر

مقدمة:

الترحم على غير المسلم من المسائل الفقهية التي اختلف فيها العلماء، وتباينت فيه آراؤهم، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه، وفي هذا المقال سنحاول تسليط الضوء على هذه المسألة من منظور الأزهر الشريف، من خلال استعراض أدلة الفريقين ومناقشتها، والتوصل إلى رأي الأزهر النهائي في هذه المسألة.

أولا: أدلة جواز الترحم على غير المسلم:

1. عموم الأدلة الدالة على الرحمة:

هناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على الرحمة والإحسان إلى الناس كافة، بغض النظر عن دينهم أو عقيدتهم، ومن ذلك قوله تعالى: “وَاللَّهُ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” (النحل: 90)، وقوله صلى الله عليه وسلم: “الراحمون يرحمهم الرحمن، فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” (سنن الترمذي).

2. المصالح المترتبة على الترحم:

إن الترحم على غير المسلم قد يحقق العديد من المصالح، من أهمها نشر المحبة والسلام بين الناس، وتحسين صورة الإسلام في العالم، وإزالة الصورة النمطية السلبية التي قد تكون لدى غير المسلمين عن المسلمين، بالإضافة إلى احتمال أن يؤدي الترحم على غير المسلم إلى دعوته إلى الإسلام، وقد يكون ذلك سببا في إدخاله في الإسلام والنجاة من النار.

3. مراعاة العادات والتقاليد:

من المعلوم أن الترحم على الميت من العادات والتقاليد المتعارف عليها في كثير من المجتمعات، وقد يترتب على منع الترحم على غير المسلم إثارة الفتنة والنعرات الطائفية، بالإضافة إلى أنه قد يسبب الإحراج للمسلمين الذين يعيشون في مجتمعات غير مسلمة، ويتعاملون مع غير المسلمين بشكل يومي.

ثانيا: أدلة منع الترحم على غير المسلم:

1. النصوص الشرعية الواردة في شأن الترحم على غير المسلم:

هناك بعض النصوص الشرعية التي استدل بها من منع الترحم على غير المسلم، من ذلك قوله تعالى: “لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ” (المجادلة: 22)، وقال صلى الله عليه وسلم: “لا تصلوا على مشرك” (صحيح البخاري).

2. الترحم على غير المسلم إقرار له على كفره:

يرى من منع الترحم على غير المسلم أن الترحم عليه بمثابة إقرار له على كفره، وأن ذلك مخالف لاعتقاد المسلمين بأن غير المسلمين كفار، وأنه لا يجوز للمسلم أن يقر الكافر على كفره، بل عليه أن يدعوه إلى الإسلام، فإن أبى فعليه أن يعاديه في الله تعالى.

3. الترحم على غير المسلم قد يؤدي إلى الفتنة:

يرى من منع الترحم على غير المسلم أنه قد يؤدي إلى الفتنة والنعرات الطائفية، خاصة في المجتمعات التي تعاني من التوتر والاحتقان الطائفي، بالإضافة إلى أنه قد يؤدي إلى إضعاف عزيمة المسلمين وإحساسهم بالانتماء للإسلام، وقد يدفعهم ذلك إلى ترك دينهم والانحراف عنه.

ثالثا: رأي الأزهر في مسألة الترحم على غير المسلم:

بعد استعراض أدلة الفريقين ومناقشتها، يرى الأزهر الشريف أن الترحم على غير المسلم جائز في بعض الحالات، ويمنع في حالات أخرى، وذلك على النحو التالي:

1. يجوز الترحم على غير المسلم إذا كان من أهل الكتاب:

يجوز للمسلم أن يترحم على غير المسلم إذا كان من أهل الكتاب، أي اليهود والنصارى، وذلك لأنهم معترف بهم في الإسلام، ولأنهم أهل ذمة، لهم حقوق وعليهم واجبات، ومن ذلك حقهم في أن يترحم عليهم المسلمون.

2. يجوز الترحم على غير المسلم إذا كان من المحسنين إلى المسلمين:

يجوز للمسلم أن يترحم على غير المسلم إذا كان من المحسنين إلى المسلمين، وذلك لأن الإحسان إلى المسلمين سبب من أسباب محبة المسلمين له، ومن ثم جواز الترحم عليه، وقد يكون الترحم على غير المسلم المحسن إلى المسلمين سببا في إدخاله في الإسلام.

3. يجوز الترحم على غير المسلم إذا كان من ذوي القربى أو الأصدقاء للمسلمين:

يجوز للمسلم أن يترحم على غير المسلم إذا كان من ذوي القربى أو الأصدقاء للمسلمين، وذلك لأن صلة الرحم والصداقة من أسباب محبة المسلم لغير المسلم، ومن ثم جواز الترحم عليه، وقد يكون الترحم على غير المسلم من ذوي القربى أو الأصدقاء للمسلمين سببا في إدخاله في الإسلام.

4. يجوز الترحم على غير المسلم إذا كان من الصالحين أو ذوي الأخلاق الفاضلة:

يجوز للمسلم أن يترحم على غير المسلم إذا كان من الصالحين أو ذوي الأخلاق الفاضلة، وذلك لأن الصلاح والأخلاق الفاضلة من أسباب محبة المسلم لغير المسلم، ومن ثم جواز الترحم عليه، وقد يكون الترحم على غير المسلم من الصالحين أو ذوي الأخلاق الفاضلة سببا في إدخاله في الإسلام.

رابعا: الحالات التي يمنع فيها الترحم على غير المسلم:

1. إذا كان غير المسلم من المحاربين للمسلمين:

لا يجوز للمسلم أن يترحم على غير المسلم إذا كان من المحاربين للمسلمين، وذلك لأن محاربة المسلمين سبب من أسباب بغض المسلمين له، ومن ثم منع الترحم عليه، وقد يكون الترحم على غير المسلم المحارب للمسلمين سببا في إضعاف عزيمة المسلمين وإحساسهم بالانتماء للإسلام.

2. إذا كان غير المسلم من الداعين إلى الكفر أو الإلحاد:

لا يجوز للمسلم أن يترحم على غير المسلم إذا كان من الداعين إلى الكفر أو الإلحاد، وذلك لأن الدعوة إلى الكفر أو الإلحاد سبب من أسباب بغض المسلمين له، ومن ثم منع الترحم عليه، وقد يكون الترحم على غير المسلم الداعية إلى الكفر أو الإلحاد سببا في إضعاف إيمان المسلمين وإحساسهم بالانتماء للإسلام.

3. إذا كان غير المسلم من الساخرين من الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم:

لا يجوز للمسلم أن يترحم على غير المسلم إذا كان من الساخرين من الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن السخرية من الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم سبب من أسباب بغض المسلمين له، ومن ثم منع الترحم عليه، وقد يكون الترحم على غير المسلم الساخر من الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم سببا في إضعاف إيمان المسلمين وإحساسهم بالانتماء للإسلام.

خامسا: شروط جواز الترحم على غير المسلم:

1. أن يكون الترحم على غير المسلم مقيدا بلفظ “إن كان مسلما”:

يجب على المسلم الذي يريد أن يترحم على غير المسلم أن يقيد الترحم بلفظ “إن كان مسلما”، وذلك لأن الترحم على غير المسلم بغير قيد قد يفهم منه أنه مسلم، وهذا غير جائز، لأن غير المسلم كافر، والكفر مبطل للإيمان.

2. أن يكون الترحم على غير المسلم في نفسه لا في دينه:

يجب على المسلم الذي يريد أن يترحم على غير المسلم أن يترحم على نفسه لا على دينه، وذلك لأن الترحم على غير المسلم في دينه بمثابة إقرار له على كفره، وهذا غير جائز، لأن غير المسلم كافر، والكفر مبطل للإيمان.

3. أن يكون الترحم على غير المسلم مستندا إلى سبب مشروع:

يجب على المسلم الذي يريد أن يترحم على غير المسلم أن يكون الترحم مستندا إلى سبب مشروع، من قبيل صلة الرحم أو الصداقة أو الإ

أضف تعليق