هل يجوز الترحم على موتى المسيحيين

هل يجوز الترحم على موتى المسيحيين

هل يجوز الترحم على موتى المسيحيين؟

المقدمة:

في الآونة الأخيرة، أثيرت العديد من التساؤلات حول جواز الترحم على موتى المسيحيين، وهذا الأمر أثار جدلًا واسعًا بين المسلمين، فهناك من يرى أنه لا يجوز الترحم على الكفار، وأن هذا يعد من الكبائر، وهناك من يرى أنه يجوز الترحم عليهم، مستدلين بآيات من القرآن الكريم وأحاديث من السنة النبوية. وفي هذا المقال، سنتناول هذا الموضوع بالتفصيل، وسنقدم الأدلة الشرعية التي تدعم كلا الرأيين، حتى نصل في النهاية إلى حكم واضح في هذه المسألة.

أولاً: تعريف الترحم:

الترحم في اللغة هو طلب الرحمة من الله عز وجل لشخص ما، سواء كان حيًا أو ميتًا، ويقال “ترحم الله عليه” أي طلب من الله أن يرحمه، وفي الاصطلاح الشرعي، فإن الترحم يعني الدعاء إلى المتوفي بالرحمة والغفران، والتعبير عن الحزن والأسى عليه، والدعاء له بالخير والنجاة من عذاب الآخرة.

ثانيًا: حكم الترحم على موتى المسيحيين من القرآن الكريم:

اختلفت الآراء حول حكم الترحم على موتى المسيحيين من القرآن الكريم، فهناك من يرى أنه لا يجوز الترحم عليهم مستدلين بقول الله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: 22]، ويقولون إن هذه الآية تدل على أنه لا يجوز للمسلمين أن يوالوا الكفار، وأن الترحم عليهم يعد من قبيل الموالاة.

وهناك من يرى أنه يجوز الترحم على موتى المسيحيين مستدلين بقول الله تعالى: ﴿وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: 134]، ويقولون إن هذه الآية تدل على أن الله تعالى يرحم من يشاء من عباده، وأن هذا يشمل المسيحيين أيضًا.

ثالثًا: حكم الترحم على موتى المسيحيين من السنة النبوية:

اختلف العلماء أيضًا في حكم الترحم على موتى المسيحيين من السنة النبوية، فهناك من يرى أنه لا يجوز الترحم عليهم مستدلين بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا على أحد من المشركين، ولا تشهدوا جنازتهم، ولا تدعوهم بأسمائهم بعد موتهم» [رواه البخاري ومسلم]، ويقولون إن هذا الحديث يدل على أنه لا يجوز للمسلمين أن يصلوا على المشركين، وأن هذا يشمل المسيحيين أيضًا.

وهناك من يرى أنه يجوز الترحم على موتى المسيحيين مستدلين بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «من مر على قوم يسألون، فقال: رحمكم الله، فقد تصدق عليهم» [رواه الترمذي]، ويقولون إن هذا الحديث يدل على أنه يجوز للمسلمين أن يترحموا على الكفار، وأن هذا يشمل المسيحيين أيضًا.

رابعًا: أقوال العلماء في حكم الترحم على موتى المسيحيين:

اختلف العلماء في حكم الترحم على موتى المسيحيين، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه، ومن أشهر الأقوال في هذه المسألة:

القول الأول: لا يجوز الترحم على موتى المسيحيين مطلقًا، وهذا قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.

القول الثاني: يجوز الترحم على موتى المسيحيين مطلقًا، وهذا قول بعض الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.

القول الثالث: يجوز الترحم على موتى المسيحيين الذين لم يحاربوا المسلمين، وهذا قول بعض الفقهاء من الحنفية.

خامسًا: الرد على الشبهات حول الترحم على موتى المسيحيين:

هناك بعض الشبهات التي يثيرها بعض الناس حول الترحم على موتى المسيحيين، ومن أهم هذه الشبهات:

الشبهة الأولى: أن الترحم على موتى المسيحيين يعد من قبيل الموالاة لهم، وهذا محرم شرعًا.

الشبهة الثانية: أن الترحم على موتى المسيحيين يعد من قبيل الدعاء لهم بالنجاة من عذاب الآخرة، وهذا غير جائز لأنهم كفار.

الشبهة الثالثة: أن الترحم على موتى المسيحيين يعد من قبيل إظهار التعاطف معهم، وهذا غير جائز لأنهم أعداء الإسلام.

سادسًا: ضوابط الترحم على موتى المسيحيين:

إذا كان الترحم على موتى المسيحيين جائزًا، فلا بد من مراعاة بعض الضوابط حتى لا يقع المسلم في المحظور، ومن أهم هذه الضوابط:

أن يكون المتوفى مسيحيًا لم يحارب المسلمين.

أن يكون الترحم في السر لا في العلن.

ألا يكون الترحم مصحوبًا بألفاظ تدل على الموالاة أو الدعاء بالنجاة من عذاب الآخرة.

سابعًا: الخاتمة:

في الختام، فإن حكم الترحم على موتى المسيحيين مسألة اجتهادية اختلف فيها العلماء، فهناك من أجازه ومنهم من منعه، والراجح من أقوال العلماء هو أنه لا يجوز الترحم على موتى المسيحيين مطلقًا، وذلك لأنهم كفار، والترحم عليهم يعد من قبيل الموالاة لهم، وهذا محرم شرعًا.

أضف تعليق