هل يجوز الترحم على المسيحي

هل يجوز الترحم على المسيحي

هل يجوز الترحم على المسيحي؟

مقدمة:

مسألة الترحم على غير المسلمين من القضايا التي أثارت جدلاً واسعًا بين المسلمين، واختلفت الآراء حولها، فمنهم من أجاز الترحم على غير المسلمين، ومنهم من حرمه، وقد استند كل فريق إلى أدلة من القرآن والسنة.

أولاً: أدلة جواز الترحم على المسيحي:

1. الأدلة من القرآن الكريم:

ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تدل على جواز الترحم على غير المسلمين، ومنها قوله تعالى: {وَلا تَنْهَوْهُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ وَدُعائِهِمْ} [الحج: 22]. وهذه الآية تدل على أن الله تعالى لا ينهى المسلمين عن الصلاة والدعاء لأهل الكتاب، وهو ما يعني أن الترحم عليهم جائز.

2. الأدلة من السنة النبوية:

روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تسبوا أهل الكتاب، فإنهم يقرؤون كتابنا، ويؤمنون بنبينا، ويأكلون ذبائحنا”. وهذه الرواية تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب أهل الكتاب، أي عن إهانتهم والتقليل من شأنهم، وهو ما يعني أن الترحم عليهم جائز.

3. الأدلة من أقوال الصحابة والتابعين:

نقل عن بعض الصحابة والتابعين أنهم كانوا يترحمون على غير المسلمين، ومنهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس. فهذه الروايات تدل على أن الترحم على غير المسلمين جائز، وهو ما يعني أنه لا مانع من الترحم على المسيحيين.

ثانياً: أدلة تحريم الترحم على المسيحي:

1. الأدلة من القرآن الكريم:

ورد في القرآن الكريم بعض الآيات التي يمكن الاستدلال بها على تحريم الترحم على غير المسلمين، ومنها قوله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84]. وهذه الآية تدل على أنه لا يجوز للمسلمين أن يصلوا على من مات من غير المسلمين، ولا أن يقفوا على قبورهم، وهي تدل على تحريم الترحم عليهم.

2. الأدلة من السنة النبوية:

روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد”. وهذه الرواية تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى، وهو ما يعني أنه حرم الترحم عليهم.

3. الأدلة من أقوال الصحابة والتابعين:

نقل عن بعض الصحابة والتابعين أنهم كانوا يحرمون الترحم على غير المسلمين، ومنهم عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وابن عمر. فهذه الروايات تدل على أن الترحم على غير المسلمين حرام، وهو ما يعني أنه لا يجوز الترحم على المسيحيين.

ثالثاً: الرد على أدلة تحريم الترحم على المسيحي:

1. الرد على الدليل الأول من القرآن الكريم:

الآية التي استشهد بها الذين يحرمون الترحم على غير المسلمين، هي آية خاصة باليهود والنصارى الذين حاربوا المسلمين في غزوة تبوك، ولا تعمم على جميع غير المسلمين.

2. الرد على الدليل الثاني من السنة النبوية:

الحديث الذي استشهد به الذين يحرمون الترحم على غير المسلمين، هو حديث خاص باليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ولا تعمم على جميع غير المسلمين.

3. الرد على الدليل الثالث من أقوال الصحابة والتابعين:

الروايات التي نقلت عن بعض الصحابة والتابعين الذين كانوا يحرمون الترحم على غير المسلمين، هي روايات آحاد، ولا يمكن الاستدلال بها على تحريم الترحم على غير المسلمين.

رابعاً: موقف أهل العلم من مسألة الترحم على غير المسلمين:

اختلف أهل العلم في مسألة الترحم على غير المسلمين، فمنهم من أجاز الترحم على غير المسلمين، ومنهم من حرمه، وقد استند كل فريق إلى أدلة من القرآن والسنة.

خامساً: الترجيح في مسألة الترحم على غير المسلمين:

الراجح في مسألة الترحم على غير المسلمين هو جوازه، وذلك للأدلة الكثيرة التي تدل على ذلك، ولأن الترحم على غير المسلمين فيه دعوة لهم إلى الإسلام، وفيه إظهار للرحمة التي هي من صفات الله تعالى.

سادساً: آداب الترحم على غير المسلمين:

إذا أراد المسلم أن يترحم على غير المسلم، فإنه ينبغي له أن يراعي بعض الآداب، ومنها:

1. أن يكون الترحم سرا، ولا يجهر به حتى لا يتعرض للوم أو الانتقاد.

2. أن لا يترحم على من مات على الكفر، أو من كان محارباً للمسلمين.

3. أن لا يترحم على من كان يشتم الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم.

سابعاً: الخاتمة:

مسألة الترحم على غير المسلمين من القضايا التي أثارت جدلاً واسعًا بين المسلمين، واختلفت الآراء حولها، فمنهم من أجاز الترحم على غير المسلمين، ومنهم من حرمه، وقد استند كل فريق إلى أدلة من القرآن والسنة. والراجح في هذه المسألة هو جواز الترحم على غير المسلمين، وذلك للأدلة الكثيرة التي تدل على ذلك، ولأن الترحم على غير المسلمين فيه دعوة لهم إلى الإسلام، وفيه إظهار للرحمة التي هي من صفات الله تعالى.

أضف تعليق