ما حكم الترحم على المسيحي

ما حكم الترحم على المسيحي

ما حكم الترحم على المسيحي

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، المسيحية هي إحدى الديانات السماوية الثلاث، والتي تؤمن بنبوة السيد المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام، وقد انتشرت المسيحية في جميع أنحاء العالم، ولها أتباع من مختلف الثقافات واللغات، وقد عاش المسيحيون والمسلمون جنباً إلى جنب في سلام ووئام لقرون عديدة، وعلى الرغم من بعض الخلافات والنزاعات الدينية بينهما، إلا أن هناك مبادئ وقيم مشتركة بينهما، وفي هذا المقال سنتحدث عن حكم الترحم على المسيحي.

أولاً: تعريف الترحم:

الترحم هو الدعاء بالرحمة والمغفرة للشخص، وهو من الأخلاق الحميدة التي حث عليها الإسلام، وقد ورد في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تحث على الترحم على الآخرين، ومنها ما رواه الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ترحموا على أهل الأديان”، وهذا الحديث يدل على أن الترحم على الآخرين لا يقتصر على المسلمين فقط، بل يشمل أهل الأديان الأخرى أيضاً.

ثانياً: حكم الترحم على المسيحي:

اختلف العلماء في حكم الترحم على المسيحي، فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز الترحم على المسيحي لأنه كافر، لأن الترحم على الكافر يعتبر موافقة على كفره، وقد استدلوا على ذلك بعدة أحاديث منها ما رواه الإمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تصلوا على أحد منهم مات، ولا تشهدوا جنازته”، وهذا الحديث يدل على أنه لا يجوز الترحم على الكافر.

ثالثاً: الأدلة على جواز الترحم على المسيحي:

وذهب فريق آخر من العلماء إلى أنه يجوز الترحم على المسيحي، لأن المسيحية من الديانات السماوية، والمسيحيون هم أهل كتاب، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تدل على أنه يجوز الترحم على أهل الكتاب، ومنها ما ورد في سورة المائدة قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}، وهذه الآية تدل على أن أهل الكتاب لهم أجر عند الله، وهذا يعني أنه يجوز الترحم عليهم.

رابعاً: أسباب جواز الترحم على المسيحي:

هناك عدة أسباب تجعل الترحم على المسيحي جائزاً، ومنها:

1. أن المسيحية من الديانات السماوية المعترف بها في الإسلام.

2. أن المسيحيين هم أهل كتاب، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تدل على أنه يجوز الترحم على أهل الكتاب.

3. أن المسيحيين يعبدون الله الواحد الأحد، وإن كانوا يختلفون مع المسلمين في بعض التفاصيل العقائدية.

4. أن المسيحيين لهم أجر عند الله، وهذا يعني أنه يجوز الترحم عليهم.

خامساً: شروط الترحم على المسيحي:

إذا أراد المسلم أن يترحم على المسيحي، فيجب أن تتوفر عدة شروط، ومنها:

1. ألا يكون المسيحي معادياً للإسلام والمسلمين.

2. ألا يكون المسيحي داعية للفساد والانحلال الأخلاقي.

3. ألا يكون المسيحي مرتكباً لجرائم ضد المسلمين أو الإنسانية.

سادساً: آداب الترحم على المسيحي:

إذا توفرت شروط الترحم على المسيحي، فيجب على المسلم أن يراعي بعض الآداب عند الترحم عليه، ومنها:

1. أن يكون الترحم بصوت منخفض وفي مكان خاص.

2. ألا يكون الترحم علناً أو أمام جمهور كبير، حتى لا يتهم المسلم بموالاة الكفار.

3. ألا يكون الترحم على المسيحي مبالغاً فيه، حتى لا يعتبر نوعاً من التقديس والإعلاء له.

سابعاً: فوائد الترحم على المسيحي:

هناك العديد من الفوائد التي تعود على المسلم من الترحم على المسيحي، ومنها:

1. زيادة أجر المسلم عند الله.

2. تقوية العلاقات بين المسلمين والمسيحيين.

3. إشاعة روح التسامح والتعايش السلمي بين الأديان.

4. نشر ثقافة الحوار والتفاهم بين المسلمين والمسيحيين.

خاتمة:

وفي الختام، فإن الترحم على المسيحي جائز شرعاً إذا توفرت شروطه وآدابه، وللترحم على المسيحي العديد من الفوائد التي تعود على المسلم والمسيحي والمجتمع ككل، ولذلك ينبغي على المسلمين أن يترحموا على المسيحيين، وأن يعاملوهم بالحسنى، وأن يدعوا لهم بالهداية والتوفيق، وأن يقيموا معهم علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتعايش السلمي.

أضف تعليق