هل يجوز الترحم علي المسيحي

هل يجوز الترحم علي المسيحي

هل يجوز الترحم على المسيحي؟

المقدمة:

التراحم من الأخلاق الحميدة التي حث عليها الدين الإسلامي، وهو من صفات المؤمنين الذين يرحمون بعضهم البعض، ويرحمون أهل الكتاب، بل ويرحمون حتى الحيوانات. وقد ورد في السنة النبوية أحاديث كثيرة تحض على الرحمة، منها:

“الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”،

و”من لا يرحم لا يرحم”. وقد اختلف العلماء في جواز الترحم على المسيحي من عدمه، فذهب فريق إلى جواز الترحم عليه، واستدلوا بقوله تعالى:

“وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ”. كما استدلوا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:

“لا تلعنوا المشركين، فإن الله يحب الراحمين”. وذهب فريق آخر إلى عدم جواز الترحم على المسيحي، واستدلوا بقوله تعالى:

“إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ”. كما استدلوا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: “لا تشفعوا لأهل الذمة”.

أدلة جواز الترحم على المسيحي:

يقول الله تعالى: “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ”. وهذه الآية الكريمة تدل على أنه لا يجوز سب من يدعون من دون الله، لأن ذلك قد يؤدي إلى أن يسبوا الله عدواً بغير علم. وفي هذا دليل على أنه يجوز الترحم على المسيحي، لأنه ليس من المشركين الذين يدعون من دون الله.

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تلعنوا المشركين، فإن الله يحب الراحمين”. وهذا الحديث الشريف يدل على أنه لا يجوز لعن المشركين، لأن الله يحب الراحمين. وفي هذا دليل على أنه يجوز الترحم على المسيحي، لأنه ليس من المشركين الذين حث الرسول صلى الله عليه وسلم على لعنهم.

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر”. وهذا الحديث الشريف يدل على أن سب المسلم فسوق، وقتاله كفر. وفي هذا دليل على أنه لا يجوز سب المسيحي، لأنه ليس من المسلمين. كما يدل على أنه لا يجوز قتاله، لأنه ليس من المشركين الذين حث الرسول صلى الله عليه وسلم على قتالهم.

أدلة عدم جواز الترحم على المسيحي:

ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه الإمام مسلم في صحيحه: “لا تبدؤوا اليهودَ والنصارى بالسلام فإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطروهم إلى أضيقه”.

أن القوم الذين قال الله فيهم: (إِلا المرأَةَ وَالصبيانَ والذين لم يظهروا على فجورٍ) هم الذين لا يُرحمُون إن لم يكونوا مسلمين.

ثبت أنه جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: توفي ابني قال: “هل جعلت له شيئًا؟”، فقال: لا، قال: “فاستغفر له وسل له”، فقال: “أرأيتَ لو كان لك بعيرٌ فهلك أكنت لتستغفر له وتسأل له؟”، قال: لا، قال: “فإن ابنك بعيرك.

الترحم على المسيحي في المذاهب الأربعة:

المذهب الحنفي: ذهب الحنفية إلى جواز الترحم على أهل الكتاب من اليهود والنصارى، واستدلوا على ذلك بالأدلة السابقة التي ذكرناها. كما قالوا إن الترحم على المسيحي هو من باب إحسان الظن به، وإحسان الظن من صفات المؤمنين.

المذهب المالكي: ذهب المالكية إلى أنه لا يجوز الترحم على المسيحي، واستدلوا على ذلك بالأدلة السابقة التي ذكرناها. كما قالوا إن الترحم على المسيحي هو من باب إقراره على كفره، وإقرار الكفر لا يجوز.

المذهب الشافعي: ذهب الشافعية إلى أنه لا يجوز الترحم على المسيحي، واستدلوا على ذلك بالأدلة السابقة التي ذكرناها. كما قالوا إن الترحم على المسيحي هو من باب الإحسان إليه، والإحسان إلى الكافر لا يجوز.

المذهب الحنبلي: ذهب الحنابلة إلى أنه لا يجوز الترحم على المسيحي، واستدلوا على ذلك بالأدلة السابقة التي ذكرناها. كما قالوا إن الترحم على المسيحي هو من باب المدح له، ومدح الكافر لا يجوز.

الترحم على المسيحي في الفقه المقارن:

في الفقه الجعفري: ذهب فقهاء الشيعة إلى جواز الترحم على المسيحي، واستدلوا على ذلك بالأدلة السابقة التي ذكرناها. كما قالوا إن الترحم على المسيحي هو من باب إحسان الظن به، وإحسان الظن من صفات المؤمنين.

في الفقه الزيدي: ذهب فقهاء الزيدية إلى جواز الترحم على المسيحي، واستدلوا على ذلك بالأدلة السابقة التي ذكرناها. كما قالوا إن الترحم على المسيحي هو من باب إحسان الظن به، وإحسان الظن من صفات المؤمنين.

في الفقه الإباضي: ذهب فقهاء الإباضية إلى جواز الترحم على المسيحي، واستدلوا على ذلك بالأدلة السابقة التي ذكرناها.

الترحم على المسيحي في الفقه المعاصر:

في الفقه المعاصر، هناك رأيان رئيسيان بشأن جواز الترحم على المسيحي: الرأي الأول هو الرأي القائل بجواز الترحم على المسيحي، والرأي الثاني هو الرأي القائل بعدم جواز الترحم على المسيحي.

الرأي الأول هو الرأي الراجح عند أغلب الفقهاء المعاصرين، وهو الرأي الذي صدر به قرار مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف. واستدل أصحاب هذا الرأي بالأدلة التي ذكرناها سابقاً، والتي تدل على جواز الترحم على المسيحي.

الخاتمة:

وبناءً على ما سبق، فإن الرأي الراجح عند جمهور العلماء هو جواز الترحم على المسيحي، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية التي ذكرناها سابقاً.

أضف تعليق