هل يجوز الترحم على المجاهر بالمعصية

هل يجوز الترحم على المجاهر بالمعصية

هل يجوز الترحم على المجاهر بالمعصية؟

المقدمة:

الترحم على الميت من الأعمال التي حث عليها الإسلام، إلا أن هناك خلافًا في جواز الترحم على المجاهر بالمعصية، فذهب بعض العلماء إلى تحريم ذلك، بينما أجازه آخرون بشرط التوبة، وفي هذا المقال سوف نتناول حكم الترحم على المجاهر بالمعصية بالتفصيل.

مفهوم الترحم:

الترحم هو الدعاء للميت بالرحمة والمغفرة من الله تعالى، وهو من الأعمال التي وردت فيها الكثير من النصوص الشرعية، ومنها قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [آل عمران: 169]، وقوله ﷺ: “رحم الله امرأً سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى” [البخاري].

حكم الترحم على المجاهر بالمعصية:

اختلف العلماء في حكم الترحم على المجاهر بالمعصية، ويمكن تلخيص أقوالهم في ثلاثة أقوال:

القول الأول: تحريم الترحم على المجاهر بالمعصية مطلقًا، وهو قول الحنابلة وبعض المالكية والشافعية، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [التوبة: 84]، وقالوا إن المجاهر بالمعصية فاسق، فلا يجوز الترحم عليه.

القول الثاني: جواز الترحم على المجاهر بالمعصية بشرط التوبة، وهو قول الجمهور من العلماء، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت:69]، وقالوا إن المجاهر بالمعصية إذا تاب فهو محسن، فيجوز الترحم عليه.

القول الثالث: التفريق بين المجاهر بالمعصية الكبيرة والمجاهر بالمعصية الصغيرة، فذهب بعض العلماء إلى جواز الترحم على المجاهر بالمعصية الصغيرة، وأما المجاهر بالمعصية الكبيرة فلا يجوز الترحم عليه، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء: 10]، وقالوا إن أكل أموال اليتامى ظلمًا من الكبائر، فلا يجوز الترحم على من يفعل ذلك.

ضوابط الترحم على المجاهر بالمعصية:

إذا جاز الترحم على المجاهر بالمعصية بشرط التوبة، فلا بد من مراعاة الضوابط التالية:

1. التوبة النصوح: يجب أن يكون المجاهر بالمعصية قد تاب توبة نصوحًا، أي توبة خالصة لوجه الله تعالى، وأن يكون قد أقلع عن المعصية نهائيًا.

2. عدم الاستهزاء بالمعصية: يجب ألا يكون المجاهر بالمعصية قد استهزأ بها أو استهان بها، بل يجب أن يكون قد أدرك خطأه وأناب إلى الله تعالى.

3. عدم الإصرار على المعصية: يجب ألا يكون المجاهر بالمعصية قد أصر على معصيته، بل يجب أن يكون قد تاب منها وتاب عنها.

الخاتمة:

الترحم على المجاهر بالمعصية من المسائل الخلافية بين العلماء، وقد ذكرنا في هذا المقال أقوال العلماء في هذه المسألة، وبينا الضوابط التي يجب مراعاتها عند الترحم على المجاهر بالمعصية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *